موضوع الفتوى : هل السحر له حالات لا تعالج
الســـــؤال : س: لدينا ابنة أُصيبت منذ 17 عامًا بمرض عانت منه الكثير حيث تعاني من خفقان شديد في القلب، ولا تستطيع المشي سوى مسافات بسيطة، ولا تستطيع العمل في المنزل إلا قليل جدا، كما تُعاني من ألم في الظهر واليدين لا تستطيع حمل شيء ولو كان خفيفًا، كما تُعاني من ألم في الرحم مع ماء مستمر ينزل من تلك المنطقة، كما تشعر بشيء يتحرك في منطقة القُبل، ولا تستطيع حضور المناسبات حيث تزداد تلك الأعراض عند الاجتماع، وقد عرضناها على عدة أطباء وكذلك كثير من القُراء الذين أكدوا أنها حالة سحر ولكن دون جدوى، فما هو توجيه فضيلتكم ؟
الإجـــــابة : أرى أن العلاج الشرعي هو القرآن الكريم والسنة النبوية والأدعية المأثورة؛ فإنها هي التي تُبطل هذا السحر، ولكن تحتاج
أولا: إلى صفات تتوفر في الراقي:
أولا: أن يكون ناصحًا ومُخلصًا في قراءته.
وثانيا: أن يكون قصده نفع المسلمين وإزالة الأضرار والأمراض المُستعصية.
وثالثا: ألا يكون نفعيا قصده كسب المال وأخذ المصالح الدنيوية.
ورابعا: أن يكون من أهل الاستقامة والتمسك بالدين وأداء الواجبات والأركان والبُعد عن المُحرمات كسماع الأغاني وإضاعة الأوقات في النظر إلى الصور الفاتنة والملاهي والأفلام الخليعة.
وخامسا: أن يكون عالمًا بكتاب الله تعالى وسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم وحافظًا للأدعية والأوراد والآيات التي ورد في فضلها ما يدل على أنها تحفظ المسلم وتُزيل عنه الآفات والشرور.
وثانيا: بالنسبة إلى المريض وأهل المريض لا بد فيهم من صفات:
فأولا: صحة العقيدة وتحقيق أركان الإيمان في المريض وفي أهله الذين يقومون بعلاجه.
وثانيا: صحة الأعمال وصلاحها بأن يكونوا محافظين على الصلوات ومجتهدين في أداء نوافل العبادات ومُكثرين من التطوعات كالتهجد بالليل وصوم الهواجر ـ أي الأيام الطويلة ـ وكثرة الصدقات وصلة الأرحام وما أشبه ذلك.
وثالثا: تطهير منازلهم من آلات الأغاني وأجهزة استقبال القنوات الفضائية ومن الأفلام الخليعة والمجلات الهابطة التي تُعين الشياطين والجن على التمكن في تلك الأماكن، فإن عمل السحر إنما هو من الشيطان حيث يتمكن من مخالطة ذلك المريض ويُعينه على ذلك وجود الشياطين الآخرين وبُعد الملائكة الذين لا يدخلون بيتًا فيه صورة.
ورابعا:عليهم أن يجزموا بأن الرقية الشرعية هي الدواء النافع والعلاج الناجع؛ فإن كتاب الله هو الشفاء كما قال الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا وكما قال تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى فالذين يُعالجون بالرقية ويقولون إنها تجربة ننظر هل تنفع أم لا تنفع، هؤلاء لا تُفيدهم حيث إنهم لم يجزموا بما أخبر الله به من أنها شفاء للمؤمنين، بل تعاطوا الرقية وهم مترددون في تأثيرها، وهذا التردد شك في القرآن وفي دلالته، ومتى حصل هذا الشك ارتفع اليقين، وعليهم أن يُراجعوا ما ذكره العلماء من علاج هذه الأمراض الشيطانية، فقد تعرض لها ابن القيم في (الطب النبوي) عندما تكلم على الأرواح الشيطانية، وتكلم عليها شيخ الإسلام ابن تيمية كما في رسالة (إيضاح الدلالة) وتوجد في المجلد التاسع عشر من مجموع الفتاوى، وقد كتب أيضًا كثيرون في هذا الزمان مؤلفات في السحر والعين والصرع ومس الجن، وذكروا أنواعًا من العلاجات لعل من اتبعها يجد فيها تأثيرًا نافعًا يُغنيه عن الذهاب إلى السحرة الذي ورد النهي عنه.
وورد الأمر بقتل السحرة لكفرهم ولأنهم يدعون الشياطين ومردة الجن ويذبحون لهم ويعظِّمونهم، فتُساعدهم تلك الأرواح الشيطانية، وقد ذكر ابن القيم أن النشرة هي حل السحر عن المسحور وذكرها أنها قسمان حل بسحر مثله وهو الذي من عمل الشيطان كما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن النُشرة فقال: هي من عمل الشيطان ونُقل عن الحسن ـ رحمه الله ـ قال: لا يحل السحر إلا ساحر ـ أي لا يحله بالعمل الشيطاني ـ وصفته أن الناشر الذي هو الساحر والمنتشر الذي هو المريض يخضع كل منهما للشيطان وذلك تعظيم له وعبادة له ويتقرب إلى الشيطان بما يُحب حتى يبطل عمله عن المسحور، أما النوع الثاني فإنه الحل بالرقية الشرعية والأدعية النبوية والآيات القرآنية والأدوية المُباحة فهذا جائز وهو الذي يؤثر بإذن الله إذا تمت الشروط وانتفت الموانع. والله أعلم.