السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سمعت حديث نبوي شريف يقول زار امراة الى الرسول صلى الله عليه وسلم كانت تشكو من الصرع فقالت يا رسول الله ادعوا الله ان يشفنى من مرضى فرد الرسول صلى الله عليه وسلم اصبرى فلك الجنة وادعوا لك من الله سبحانه وتعالى قالت بل الجنة ولكن ادعوا الله ان يسترنى عندما ياتنى حالة الصرع او ما هو معناه فهل حقا هذه حديث صحيح ؟؟ واذا الصبر عند البلاء له اجر عظيم اي الجنة اذا لماذا المرضى يذهبون الى الاطباء فور احساسهم بالمرض ولو كانت بسيط جدا ؟؟ هل المرض ابتلاء من الله سبحانة وتعالى ؟؟ ( واصبر على ما اصابك ان ذلك من عزم الامور ) قران الكريم ، لا احد يطبق هذه الآيه حتى علماء المسلمين ، انى دائما احاول مع الاقرباء ان يصبرو على مرضهم ولكن دون جدوى .
افيدونى افادكم الله وشكرا مع التقدير0
اجاب على ذلك فضيلة الشيخ الدكتور عادل مبارك المطيرات
هذا حديث صحيح في صحيح مسلم عن عَطَاءُ بْنُ اَبِي رَبَاحٍ قَالَ : قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ : اَلاَ اُرِيكَ امْرَاَةً مِنْ اَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ بَلَى . قَالَ : هَذِهِ الْمَرْاَةُ السَّوْدَاءُ اَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ : اِنِّي اُصْرَعُ وَاِنِّي اَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي . قَالَ " اِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَاِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ اَنْ يُعَافِيَكِ " . قَالَتْ : اَصْبِرُ . قَالَتْ : فَاِنِّي اَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ اَنْ لاَ اَتَكَشَّفَ . فَدَعَا لَهَا .
وهذا الحديث يدل على فضيلة الصبر على المرض لمن يستطيع تحمله ، فله أجر على هذا الصبر ، أما من لا يستطيع التحمل فإنه يستعين بالله ثم بالطب ، وهذا لا ينافي التوكل على الله ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي ،
كما صح في سنن أبي داود عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ، قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قَعَدْتُ فَجَاءَ الأَعْرَابُ مِنْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَدَاوَى فَقَالَ " تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاَّ وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ : الْهَرَمُ " . وفي رواية البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً " .
قال ابن حجر رحمه الله: ( الحق أن من وثق بالله، وأيقن أن قضاءه عليه ماض، لم يقدح في توكله تعاطي الأسباب اتباعا لسنته وسنة رسوله، فقد ظاهر ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين درعين، ولبس على رأسه المغفر ، وأقعد الرماة على فم الشعب ، وخندق حول المدينة ، وأذن في الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة، وهاجر هو، وتعاطى أسباب الأكل والشرب ، وأدخر لأهله قوت سنتهم، ولم ينتظر أن ينزل عليه من السماء، وهو كان أحق الخلق أن يحصل له ذلك. وقال للذي سأله: " أعقل ناقتي أو أدعها ؟ " قال " اعقلها وتوكل " فأشار إلى أن الاحتراز لا يدفع التوكل ).
وقال ابن القيم رحمه الله : ( التداوي لا ينافي التوكل، كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها ، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرا وشرعا ، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل، كما يقدح في الأمر والحكمة ويضعفه، من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل، الذي حقيقته: اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره فيهما، ولابد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب، فلا يجعل العبد عجزه توكلا، ولا توكله عجزا ) .
وعلى المسلم عند التداوي أن يعتقد جازما بأن الشافي هو الله سبحانه ، وأن الدواء هو سبب من الأسباب ، ولذلك جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عاد مريضا قال : " اللهم رب الناس ، أذهب الباس ، واشف أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاءً لا يغادر سقماً " .
فعلى المريض أن لا ينسى التوكّل على الله واللجوء إليه فإنّ أبواب السماء مفتوحة للدّعاء ، وعليه برقية نفسه بالقرآن الكريم ، مثل أن يقرأ على نفسه سورة الفاتحة وسورة الإخلاص وسورة الفلق وسورة النّاس ، فهذه تنفع نفسيا وجسمانيا مع ما في التّلاوة من الأجر والله الشّافي لا شافي إلا هو سبحانه وتعالى .